قصه قصيره بعنوان - أبو جريشه --- أو الطيور البيضاء ------ كان من أعيان بلده في احد قُري الصعيد وكان قد نال تعليمه في فرنسا وانجلترا ثم عاد إلي بلاده وكأنه لم يعش يوما في بلاد أوروبا-- هو - هو نفس الفتي الذي رحل في طلب العلم منذ عشر سنوات ثم عاد مُحملا بالشهادات من سوربون واكسفورد في الفلسفه والقانون -- كانت أولي سنوات حُكم الملك فؤاد وكان هو الفتي المعتز بأصوله العربيه وبنشأته الصعيديه وكان والده عُمدة البلد ولكنه كان أيضا سند الفقراء والمعدمين ضد ظلم الأعيان وضد طغيان ضابظ المركز الذي كان يتعامل مع الفلاحين بكل وحشيه وساديه حتي أنه كان يضعهم تحت فرسه ويجلدهم بينما تطأ المجلود حوافر الفرس المفزوع من جلد الجلاد وصرخات المجلود --- واراد الضابط أن يقبض يوما علي رجلا ضعيفا نقد حال القريه والأعيان وذلك بعد أن وشي به الأعيان عند ضابط المركز - ولكن الرجل احتمي بمحمد أبو جريشه ابن العمده الذي ركب حصانه وسارع بمقابلة الضابط علي أول البلد هو وقوته وخرجت البلد تشاهد ما يحدث في بادئ الأمر سلم الضابط علي ابو جريشه لأنه يعرف أنه ابن العمده ولكن ابو جريشه فاجئه قائلا خير يا افندي جي ليه رد الضابط علشان فلان رد ابوجريشه مُستفهما في تهكم -ليه قتل ولا سرق ولا زني رد الضابط لا ده ولا ده رد ابو جريشه وعينه في عين الضابط أومال أيه - سكت الضابط ثم قال هذا امر يخص الأمن ولا يخصك يا بك نظر له ابو جريشه شذرا ورد في حده وغلظه قائلا كل ما في هذه القريه يخُصني لأني ابن عمدتها ومحاميها فمن انت؟؟ ارجع يا رياض بيه وجول للبعتوك أحنا ما عندناش عبيد ولو عاوز تقبوض علي حسن علام روح هات أمر من النيابه وتعال غير كده أقسم بالله لولا أنك ضيف لكان لي معك حديت تاني رد الضابط يعني تعمل ايه يا محمد بك فقال له ابو جريشه يعني ال يُخطر في راسك يا افندي لف ضابط المركز لجام فرسه في حنق وغضب وأمر القوه المصاحبه له بالعوده ولف ابو جريشه لجام فرسه في عزه وإباء أمام ذهول الجميع الذي تحول لهتاف له وبدأت اسطورة الرجل الذي ناوء السرايا والانجليز بكل ما أوتي من قوه -- ثم تعرف علي احدي الأميرات فغوته وأقنعته بهواها وعشقها له وعزمته في قصرها المطل علي النيل وارادت أغتياله ولكن أحدي الخادمات حذرته فرمي بنفسه من شرفات القصر في الماء وعبر النهر ومضي هاربا ولكنهم كانوا قد اكتشفوا أمره وأمر جهاده ضد الانجليز ومسهامته في قتل العديد من جنودهم فحاصروه بعد خمس سنوات في احد ممرات القريه وتبادلوا أطلاق النار معه هو ورجاله مستخدمين الهجناه والمدافع الرشاشه التقيله وفرقه كامله من الجنود الأنجليز-- أطلقوا عليه وابل نيرانهم وسقط من جانبهم الكثير من الضحايا بسبب بسالته هو ورجاله ولكن ذخيرتهم نفذت وسقط رجاله العشره واحد تلو الأخر ولم يبقي إلا هو - ولكنه قاوم حتي اصاب منهم وقتل عددا كبيرا ولكن كثرة الأصابات في جسده والجوع وطول المقاومه كل ذلك اسقطه بعد دوار ظن أنه الموت تحفظوا عليه صقراجريحا ولكن عزيزا--- ارادوا أن يسلبوه الحياه بعد أم سلبهم هو كل شئ -- و بعد ثلاثة اشهر تم شفائه فعقدوا له محاكمه عسكريه حكمت عليه بالأعدام شنقا في قريته بعد عشر أيام من نُطق الحكم حتي يكون عبره لغيره --- ابتسم قائلا بعد نطق الحكم لقد وهبوني الحياه إلي الأبد وفي الموعد المُحدد مضي إلي منصة الأعدام بخطوات ثابته قلب النظر في يديه وكأنه يخلع خواتمه الفضيه واعطي الجلاد يده يقيدها من الخلف وكات أمنيته الأخيره أن لايضعوا فوق رأسه غطاء لأنه يحب أن يشاهد مصرعه علي حد تعبيره كان تعبيرأ اندهش منه المأمور والشيخ الذي حضرتنفيذ الحكم وبعد شهر من استشهاده أتي والده في المنام وكان حوله طيور بيضاء وقال له كيف حالك ياأبي فبكي الأب فقال لا تبكي يا ابي فإني في خير حال وأُريد أن اخبرك بوصيه توصيها لعلي اصغر ابنائي فقال الرجل باكيا وما هي يا ولدي- قال جمال غلامات النصر محمد وعامر ونوارهم ولكن الدموع لما اختلف الأخوه وجول لولادي ما يتفرقوش يا بوي ولا يسيبوا حق المسكين قال الرجل يعني ايه يعني أيه واستيقظ الرجل وهو يردد يعني أيه يعني ايه --- أوصي الرجل ابن ابو جريشه الاصغر وكل ابناء ولده بالعباره وهولايدري بمعناها ولكن بعد ربع قرن وعندما كان اصغر ابناء ابو جريشه في الثلاثين من عمره كان ضابطا وجنديا بالجيش المصري وقامت ثورة يوليو وتولي الضُباط الأحرار حكم مصر فتذكر علي عبارة أبيه وهو واقف علي شط النيل ناظراً لزرقة السماء والطيور البيضاء والسحب وملأ رئتيه بالهواء واخذ نفسا عميقا وكأنه لم يتنفس من قبل ومضي إلي بيته يملأه الزهو بتاريخ أبوه المشرف وجال سؤال غريب في صدره أكان أبوه رجُلا أحب وطنه أم كان وليا وإن كان ولي فكيف تمكن من عشق أميره نسيت أن اخبركم صار كل اولاد علي ضباط وشهداء وجنود بالجيش المصري و بعد إعدام ابو جريشه بني له أهل القريه مقام وضعوا فيه جسده والعجيب أنهم رووا عن ساكن هذا المقام العديد من الكرامات طوال ربع قرن وحتي يومنا هذا -فيوم وفاة عبد الناصر سمعزا رجلا يبكي وانهدم جدار المقام ويوم النكسه ساد المقام ظلام دامس ويوم نصر اكتوبر شاهدوا انوارا واطيافا غريبه في المقام !!!! ----- تمت ------- ------------------ بقلم علي الحُسيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق