ليلة القدر
بقلم : د.رفعت برهام
الحمد لله رب العالمين ،جعل لعباده مواسما للخيرات ، ونشهد أن محمد عبده ورسوله القائل (إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ،ألا فتعرضوا لها ..) ، فاللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...وبعد .
فإن من أهم مواسم الخيرات شهر رمضان المبارك فعلى المسلم أن يجتهد فيه في العبادات والطاعات وكان هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أيضا من هديه صلى الله عليه وسلم أن يخص العشر الاواخر من رمضان بمزيد عناية وذلك تحريا وطلبا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، وهذا هو موضوع مقالنا ... ليلة القدر
أولا سبب التسمية: ذكر ابن الجوزي رحمه الله في كتابه - التبصرة - خمسة أقوال في سبب تسمية ليلة القدر بهذا الإسم:
1- انها من القدر بمعنى العظمة ،يقال: لفلان قدر ، ويشهد لذلك قوله تعالى: (وما قدروا الله حق قدره) الأنعام:91 ،اي وما عظموا الله حق تعظيمه ، وهذا القول قاله الزهري.
2- أنها من الضيق،أي ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة الذين ينزلون،ويشهد له قوله تعالى: (ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) الطلاق :7 ،أي ضاق عليه رزقه ، وهذا القول قاله : الخليل بن أحمد.
3- أن القدر : الحكم ، كأن الأشياء تقدر فيها, وهذا القول قاله ابن قتيبة.
4- لأن من لم يكن له قدر صار بمراعاتها ذا قدر.وهذا القول قاله :أبو بكر الوراق.
5- لأنها نزل فيها كتاب ذو قدر على نبي ذى قدر لأمة ذات قدر ،وهذا القول قاله علي بن عبيد الله.
ثانيا :فضائل ليلة القدر: ليلة القدر ليلة شريفة عظيمة، تضاعف فيها الحسنات وتكفر السيئات ، وتقدر الأمور, ليلة القدر عند أهل الإيمان ليلة الحظوة بأنس مولاهم وقربه, ويكفي هذه الليلة شرفا أن هناك سورة بإسمها في القران الكريم تسمى سورة القدر ، ومن شرف هذه الليلة نزول القرآن الكريم فيها ،فاجتمع في هذه الليلة شرف الشهر وهو رمضان وشرف الليلة وهي ليلة القدر وشرف القرآن الكريم, كذلك عظم المولى عز وجل شأنها بقوله تعالى: (وما أدراك ما ليلة القدر) القدر:2.
كما أن العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.. (ليلة القدر خير من ألف شهر)القدر . كما أن الملائكة ومعهم جبريل يتنزلون في هذه الليلة. (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) القدر :4. كما أن الأمن والسلام يحلان في هذه الليلة على أهل الإيمان (سلام هي حتى مطلع الفجر ) القجر:5. هذا وقد وصف المولى عز وجل هذه الليلة بأنها مباركة كما يقول عز وجل (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) الدخان . وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه). ثالثا : تحديد ليلة القدر .
لا خلاف بين أهل العلم على أن ليلة القدر في رمضان ، والراجح عندهم أنها في العشر الأواخر ، وفي الليالي الوترية أحرى، روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان )
وفي رواية في الصحيحين من حديث عائشة ( تحرو ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) .
رابعا : الحكمة من إخفائها
اخفى المولى عز وجل ليلة القدر لحكم جليلة منها
١- بيان الصادق في طلبها من المتكاسل ؛فإن الصادق لا يهمه أن يتعب عشر ليال من أجل أن يدركها ،بخلاف المتكاسل .
٢- كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال ؛ لأنه كلما كثر العمل كثر الثواب.
خامسا : بماذا ندعوا إذا صادفنا ليلة القدر
روى الإمام أحمد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم ( أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي : اللهم إنك عفو كريم تحب العفوا فاعف عني ) .
جعلنا الله واياكم من الموفقين لليلة القدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق