السبت، 31 ديسمبر 2016

قصيدة وشاعر| «كأسٌ لانقراضِ ساعي البريد» يكتبها الاستاذ مجدي الرومميسي


قصيدة وشاعر| «كأسٌ لانقراضِ ساعي البريد» لأجود مجبل
هكذا هم الشعراء.. يتألمون دائمًا لما تمر به البلاد، فينفثون أنَّاتهم في نسيج لغوي يشعل ثورات عظمى لو وعى السامعون، وها هو بلبل العراق يشدو بقصيدة جديدة في مهرجان المتنبي الرابع عشر بواسط، ليمسَّ وترًا مؤلمًا لدى كل عربي، وذلك لما آلت إليه الأمور في دولنا العربية.
لنا وطنٌ مُسِنٌّ صار ذكرى

نوافذُه أصرّتْ أن تفِرّا
به الأزهارُ لا تعني ربيعًا
ولا يعني حضورُ الشمسِ فجرا
به سيقومُ آخِرُ خارجيٍّ
وآخرُ موجةٍ ستخون نهرا
يشيخُ على الدروبِ به حصانٌ
يقولُ له الضحى: مازلتَ مُهرا
حقائبُ غيمِه ظلّتْ خراجًا
وسنبلُه يجوع به ويعرى
حَلَمْنا أن ننامَ على يديه
وكانَ لنا مآربُ فيه أخرى
ولكنّ البنادقَ أجَّلَتهُ
فنِمنا في حروبِ السهوِ عُمْرا
لنا غسقُ المَشيبِ وضَفّتاهُ
ونافذتانِ تلتقيانِ سرّا
وخارطةٌ توسّلْنا إليها
لتمنحَنا إلى المعنى ممرّا
فقصَّ الحاكمونَ ضفيرتيها
وباعوا رملَها الذهبيّ جهرا
دموعًا في أعالي النخلِ كنّا
وحين بكى سقطْنا منه تمْرا
لنا الليلُ المُتبّلُ بالأغاني
وكَرّامونَ يحتشدون خمرا
سلاماً يا كؤوسَ الأمسِ، كُوني
إلى غيبوبةِ الأشياءِ جسرا
وإنْ سألَتْ عنِ الريحِ الصواري
فقولي: هُمْ بحزنِ الريحِ أدرى
وقولي: إنهم ألواحُ سُهدٍ
ستُنجبُهم مرايا الوجدِ سُكْرا
وهُمْ ظمأُ الحروبِ إلى ذويها
وتأريخُ الرصاصِ إذا اكفهرّا
وهُمْ فزَعُ المراكبِ في هزيعٍ
إذا لمْ تلْقَ غيرَ الموجِ قبرا
سَليلو أنهرٍ حزِنتْ كثيرًا
فسارت للغموضِ بغيرِ مجرى
وهُمْ أحلامُ مسجونٍ تَماهى
مع السجّانِ والجدرانُ تَضرى
كما انقرضتْ خُطى ساعي بريدٍ
ولمْ تزلْ الرسائلُ فيه تترى
سينقرضون في يومٍ وتبقى
ملامحُهم على الأبوابِ حِبْرا
فيهمِسُ عابرٌ: هُمْ لن يعودوا
وأرضٌ بعدَهم ستفوحُ هجْرا
سلامًا للبلادِ تصيرُ فخًّا
سلامًا للغصونِ تشيخُ خُضرا
سلامًا للخليفةِ في عُلاهُ
يبيعُ مدينتينِ ليستقِرّا
لهُ أجرانِ حينَ يخوضُ حربًا
وإنْ نَفِدَ الجنودُ ينالُ أجْرا
يُفكّكُ بلبلاً ليزيلَ لَحْنًا
ويسحقُ قريةً حتّى يمُرّا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق