الجمعة، 23 نوفمبر 2018

" مُكَابَدات الفرزدق الأخيرة "شِعر الإعلامي د . مُهنّد ع صقّور

هُناكَ في مملكةِ القصيدِ المُقدّسِ سألتُ عنهُ ..., أشارت لي قافيةٌ ملقيّةٌ على رصيفِ الإهمال تتخبّطُ بدمائها وأومتْ لي بالمسير ..., سرتُ وسِرتُ وفي الطّريقِ ما بينَ الصّدرِ والعجزِ التقيتهُ .., حانٍ يحذفُ حشواً هنا .., ويجبرُ وزناً مكسوراً هُناك .., مَنْ أنتَ .؟ سألني وهو يرفو جراحَ مُفردةٍ خالطتها دموعهُ .., نعم لقد عرفتكَ .. عرفتكَ أنتَ ذاك البيتُ مِنَ الشّعرِ الكربلائيّ الذي أنكرهُ قرّاؤه وألقوا بهِ مِنْ جرفٍ هارٍ .., نعم أنتَ مَنْ تمرّدَ على جهلهِم وهرائهم وأوهامِهم .., أنتَ مَنْ ملّ نعيبهم ونقيقهم .., أنتَ .. تعالِ معي قالها بصوتٍ لم يكدْ يُسمعْ .. سار وسرتُ وراءه .., ولم أزل أسيرُ حتى الآن
............................" مُكَابَدات الفرزدق الأخيرة "
في الطّريقِ لِكَرْبَلاءْ ...!!ِ
ينَسَى الزّمَانُ زَمَانَهُ ..., وتَضِيقُ
آفَاقُ الوجُودِ , ويَغيبُ مِنْ دَهَشٍ ...,
ذَاكَ الزّمَانْ ....؟!
في الطّرِيقِ لِكَرْبَلاءْ ...
تُنكِرُ السّماءُ زُرْقَتَهَا ... , وتَهْجُرَهَا
شَتّى الكَواكِبِ .., وتصيحُ تَحْلُفُ أنّهَا
..... لَيستْ سَمَاءْ .؟!!

فِي الطّرِيقِ لِكَرْبَلاءْ...
يَأكُلُ الوَقتُ نَفسَهُ .., يَجْتَرّ أدْهَارَاً
تَورّمَ جُرْحُهَا ..., ويَقيسُ الشّبْرَ بِالفَترِ ...,
ويُطْلِقُ زَفْرَةً حَيرى ... ويَذْرِفُ دَمْعَةً حَرّى ...,
ويُطْلِقُ صَرْخةً مِنْ قَهْرِ .. : أنَا الوَقتُ الذي أسْرَيتُ
مِنْ قَبْرٍ إلَى قَبْرِ ....!!

فِيْ الطّرِيقِ لكَرْبَلاءْ ....,
يَنْحَرُ الطّيفُ مَوتَهُ .. , ويُخيطُ
مِنْ نَارِ الغضَا كَفَنَاً , ومِنْ جَمْرِ الوَجِيبِ ...,
وِسَادَةً ..., لِيُقَابِلَ المَلَكَينِ مَوتَاً رَاحِلاً ...,
ويَجيءُ ربَّ العَرشِ ..., يُقْسِم بِاسْمِهِ ....,
هَا قَدْ وَفَيتْ ...!! فَأنِرْ لِيَ يَا مُرْسِلي ...,
الدّرْبَ الـ " مَشَيْتْ "

فِيْ الطّرِيقِ لكَرْبَلاءْ ...!
تَتَبَرّأُ الأحْرُفُ مِنْ ظِلّها .., وَتَسِيرُ
خَلْفَ دَوَاةِ حِبْرٍ أُجّرَتْ ....
لِلجهلِ ألْفَ قَرنٍ أرَعَنٍ ...,
واسْتُبْدِلتْ بِقَنَابِلٍ وَمَدَافِعٍ ..., بِفَتاوى قَتْلٍ أصْفَرٍ
بِنِكَاحِ حُورٍ مَلّتِ العَنَسَ المَقِيتَ ...,
فَهَاجَرْت أوْطَانَهَا طَوعَاً ...., لِتُرْضِي عُرْيَهَا ...,
وَتَخُطَ فِي هَزَلِ الجِهَادِ حِكَايَةً ...,
أوصَى بِهَا " هُبَلٌ " وَأرّخَ عُهْرَهَا...,
الجِيلُ الشّتِيتْ ..؟!

فِي الطّرِيقِ لِكَرْبَلاءَ ....,
يَنْتَابُني أمَلٌ .., ويَقطَعُ خَلوتي شَبَحٌ
وأرَى علَى الكُثبَانِ ظِلٌّ جَالِسٌ ...,
تَقودُني الخَطَواتُ عَجْلى نَحوهُ ...,
فإذَا بِهِ شَيْخُ القَرِيضِ " فَرزدَقٌ" ...,
يَحنو على قَوسٍ ...., يُمَسّدُ رِيشَها ..,
لَا تَقتَرِبْ مِنّي ..., إيّاكَ أنْ تَطَأ الكُثَيبَ بِخَطوةٍ ..,
قالَ : وقدْ كَواهُ الرّملُ ..., لِأيّ مَكانِ يَا هَذا
تَسِيرُ وأنتَ لا تَدري ..؟! فَقلتُ لَهُ :
رُويداً شَيخَ هَذا العَصر...!!
لِمَ التّقليلُ مِن قَدْرِي ..؟
فثَارَ الشّيخُ مُنتَفِضَاً ..., كبُركَانٍ علَى قَدرِ
وهَاجَ ومَاجَ كَالمَطعونِ .., كالمَلدوغِ مِن جُحْرِ ...؟!
وقَالَ وَقَدْ علَاهُ الغَيظُ : أنتُم سُبّةُ الأزْمَانِ ...,
مِنْ بَدوٍ ومِنْ حَضَرِ .., وأنتُم أنتُم الأعرَابُ
أنتُم عُصْبَةُ الكُفْرِ ...!!
ألَسْتُمْ مَنْ أبَاحَ العِرضَ .., وبَاعَ الأرْضَ بِالشّبْرِ
ودَاسَ قَدَاسَةَ الأوطَانِ .., مَفتُوناَ بِمَا يَجري ..؟!
ألَسْتُمْ جُنْدَ سَلطَنَةٍ ..., تَسَنّمَ عَرْشَها عَلَناً
سَليلُ البَغيّ واللخنَاءِ .., ونَجلُ الطّغمةِ اللُقَطَاءِ
وخَاتمُ أرْجسِ البُلَهَاءِ .., أمِيرُ دَوَاعِشِ الطّلَقاءِ ..,
إبْلِيسٌ فَتَى بَغدَاد ..., مَولَاكُم " أبِو بَكْرِ" ..؟!

فِي الطّرِيقِ لكرْبَلاءَ ...,!
مَشَيتُ والوَجَعُ " الحُسَينِيّ" مَعِي ..
وَدُمُوعُ " زَيْنبَ "
تُسْرِجُ المِشْكَاةَ فوقَ رُمْحٍ شَاحِبٍ
فَيُضِيءُ جُرْحي بَعْدَ ظُلْمَةِ أدْهُرٍ ...,
وإذَا بِهِ مُزّمِّلاً بِدِمَائِهِ نَبْضي ...,
وقَلبِي مُمْسِكٌ بِرِدَاءِ " زَيْنِ العَابِدينْ" ...؟!

شِعر الإعلامي
د . مُهنّد ع صقّور
جبلة .. سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق