الجمعة، 5 أغسطس 2016

الحكم والامثال في الأدب الجاهلي يكتبها الدكتور رفعت برهام

الحكم والامثال في الأدب الجاهلي
الحمد لله رب العالمين ، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
لا شك أن الدارس للأدب الجاهلي ليستوقفه ، تلك الحكم والامثال التي تلفظ بها الجاهليون ، والتي اصبحت فيما بعد تطلق على كل موقف قيلت فيه الحكمة أو المثل، وسوف نوضح في هذا المقال بمشيئة الله ، بعضا من حكم وامثال الجاهليين ، ونبدأ ذلك بالتعريف ، فما هي الحكمة ؟ وما هو المثل ؟
الحكمة: هي قول موجز بليغ يحمل في طياته معنى ساميا وتجربة إنسانية عميقة.
والمثل:هو قول موجز بليغ يعتمد على حادثة أو قصة أو مناسبة قيل فيها تسمى مورد المثل ،ويضرب في الحوادث المشابهة لذلك ، فكل مثل له مورد ومضرب.
. إذا فكل من الحكمة والمثل قول بليغ،ولكن المثل يعتمد على قصة قيل فيها،أما الحكمة فلا تعتمد على حادثة أو قصة.
والأمثال الجاهلية ذات قيمة تاريخية وأدبية عظيمة،لأنها تصور لنا كثيرا من مظاهر الحياة الجاهلية، كما أنها تعطينا صورة دقيقة للنثر الجاهلي لسلامتها من التغيير وبقائها على صورتها الأصلية.
ويمتاز كل من الحكمة والمثل بالإيجاز وجمال الصياغة وقوة التأثير, ولا يلزم أن يكون المثل صحيح المنحى، فقد يشتهر مثل لا يصح معناه في كل وقت ؛لانه يمثل عقليات الناس جميعا،فهو يصدر من أي إنسان ، بخلاف الحكمة فإنها لا تصدر إلا عن مجرب أو حكيم، ولذا فلابد أن تكون صادقة في كل الأحوال؛ لأنها وليدة العقل وثمرة التجربة, وأكثر حكم الجاهليين كانت ترد على ألسنة الخطباء من أمثال أكثم بن صيفي وعامر بن الظرب، ومن هذه الحكم :
1- المرء يعجز لا محالة.
2- لا جماعة لمن اختلف.
3- من مأمنه يؤتى الحذر.
4- العتاب قبل العقاب.
5- من سلك الجدد (الأرض المستوية)أمن العثار.
6- كل ذات بعل ستئيم , أي سيموت زوجها.
أما الأمثال فكثير منها لا يعرف قائلها،ومنها :
1- جزاء سنمار : (يضرب للمحسن يلقى على إحسانه شرا).
وأصله أن سنمار هذا كان بناء روميا ماهر في البناء فبنى قصرا للملك الجاهلي النعمان بن المنذر بن ماء السماء،فلما أنجز بناءه قال للملك : إني لأعرف في القصر لبنة لو زالت لسقط القصر كله.فقال له النعمان: وهل يعرفها أحد سواك؟ فقال سنمار :لا. فقال النعمان : إذا لن يعرفها أحد بعد اليوم. وأمر بسنمار فقذف به من فوق القصر فمات.
2- سبق السيف العذل:(يضرب لمن يتعجل في عمل ما ثم يتضح خطؤه فيندم عليه). وأصله أن رجلاً وثب على رجل فقتله يظنه قاتل أبيه، ثم اتضح له أن القتيل بريء فندم، ولما عزله الناس في ذلك أي لاموه قال :سبق السيف العزل.
3- يداك أوكتا وفوك نفخ:(يضرب لمن يقع في سؤ عمله).
وأصله أن رجلاً نفخ قربة وربطها ثم نزل بها يسبح في النهر ،وكانت القربة ضعيفة الوكاء أي الرباط ،فتسرب هواؤها وأوشك الرجل أن يغرق،فاستغاث برجل كان واقفا على الشاطئ فقال له :يداك أوكتا وفوك نفخ،يعني بذلك أنه هو الذي ربط ونفخ فلا يلومن إلا نفسه.
4- مكره اخاك لا بطل:(يضرب لمن تجبره الظروف على أن يفعل ما يكره).
ونلاحظ أن القياس النحوي أن نقول مكره أخوك .ولكن الأمثال تنقل بلفظها دون تغيير ،فهي لون أدبي يتميز بالبقاء على صورته التي قيل فيها.
5- إنك لا تجني من الشوك العنب:(يضرب لمن يفعل السوء وينتظر عاقبة حسنة).
6- إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا:(يضرب للقوي يبتلى بمن هو أقوى منه).
7- أحشفا وسوء كيلة؟: (يضرب لمن يجمع بين خصلتين ذميمتين).
8- كنت كراعا فأصبحت ذراعا:(يضرب لمن يعز بعد ذل).
9- رب كلمة تقول لصاحبها دعني: (يضرب لمن يتفوه بالكلمة ولا يلقي لها بالا).
10- كل فتاة بأبيها معجبة: ( يضرب لمن يعجب بما يخصه).
11- تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها:(يضرب لمن يترفع عن الدنايا).
12- قبل الرمي يراش السهم: (يضرب لمن يعزم على الشئ ولم يستعد له).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق